في يوم الجمعة (من غسل واغتسل وبكر وابتكر)

0

في يوم الجمعة (من غسل واغتسل وبكر وابتكر)

عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا ) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي .
ومعنى الحديث :
صرح الهيدروجيني رحمه الله : في إشعاره – صلى الله عليه وسلم – ( غسل واغتسل ) : ” روي غَسَلَ بتخفيف السين , وَغَسَّلَ بتشديدها, روايتان مشهورتان; والأرجح عند المحققين بالتخفيف..
, فعلى رواية التخفيف في معناه هذه الأوجه الثلاثة:”
أحدها: الجماع قاله الأزهري ; قال ويقال: غسل امرأته إذا جامعها.
والثاني: غسل رأسه وثيابه.
والثالث: توضأ .., والمختار ما اختاره البيهقي وغيره من المحققين أنه بالتخفيف وأن معناه غسل رأسه , ويؤيده رواية لأبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل . وروى أبو داود في سننه والبيهقي هذا التوضيح عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز .
قال البيهقي: وهو بين في قصة أبوي هريرة وابن عباس رضي الله سبحانه وتعالى عز وجل عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أفرد الرأس بالذكر; لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما وكانوا يغسلونه أولاً ثم يغتسلون .
وأما بيانه – صلى الله عليه وسلم – “وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ”:
فاختلف أهل العلم في معناه على أقوال:
فقيل: أي: راح في الساعة الأولى و” ابتكر “: فهم باكورة البيان، وهي أولها.
وقيل: “بكر” أي : تصدق قبل خروجه، وتأول فيه الحوار ” باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها ” .
وقيل : معناهما شخص كرره للتأكيد والمبالغة ، وليس المخالفة بين اللفظين لعدم تماثل المعنيين ..
أفاد المبارك فوري رحمه الله : ” والراجح ـ كما صرح به العراقي ، أن “بكر” بمعنى راح في أول الزمان ، “وابتكر” بمعنى وعى أول الخطبة ” انتهى من “مرعاة المفاتيح ” (4/472) .

ويؤيده ما رواه أبو هريرة رضي الله سبحانه وتعالى عز وجل عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) رواه البخاري(832) ومسلم (1403) .
صرح الحافظ رحمه الله : ” قَوْلُهُ : ( ثُمَّ رَاحَ ) زَادَ أَصْحَاب الْمُوَطَّأ عَنْ مَالِك ” فِي السَّاعَة الْأُولَى ” انتهى من “فتح الباري”

وقال الذري رحمه الله: ” الْمُرَاد بِــ “الرَّوَاحِ”: الذَّهَاب أَوَّل النَّهَار ” انتهى من “علل مسلم”
وينظر ” معالم السنن ” للخطابي (1/108) و ” فسر السنة ” (4/237) و ” علل المهذب ” (4/416) وفسر ” أبوي داود للعيني ” (2/167) .

وأما حواره صلى الله عليه وسلم ” ومشى ولم يعلو ” :
أفاد النووي رحمه الله : ” حكى الخطابي عن الأثرم أنه للتأكيد , وأنهما بمعنى .
والمختار أنه احتراز من شيئين :
أحدهما: نفي ظن حمل المشي على المضي والذهاب , ولو كان راكباً .
والثاني: نفي الركوب بالكلية ; لأنه لو اقتصر على ” مشى ” لاحتمل أن المراد وجود شيء من المشي ولو في يسير من الطريق , فنفى ذلك الاحتمال , وبين أن المراد مشى جميع الطريق , ولم يمتطي في شيء منها .

وأما حواره صلى الله عليه وسلم ” ودنا واستمع ” فهما شيئان مختلفان ، وقد يستمع ولا يناهز الخطبة , وقد يدنو ولا يستمع فندب إليهما سوياً ” . انتهى من “وضح المهذب” (4/416)
وصرح المبارك فوري رحمه الله : ” وفيه أنه يتحتم أن الأمرين معاً ، فلو استمع وهو بعيد ، أو قرب ولم يستمع ، لم يحصل له ذلك الأجر ” انتهى من مرعاة المفاتيح فسر مشكاة المصابيح (4/472)

وقوله صلى الله عليه وسلم ” ولم يلغ ” معناه ولم يتكلم ; لأن الكلام حال الخطبة لغو, أفاد الأزهري : ” معناه استمع البيان ولم يشتغل بغيرها “. ينظر ” وضح المهذب ” ( 4/416) .

وقال العيني رحمه الله: ” واللغو على الأرجح أن يكون بغير الخطاب كمس الحصى وتقليبه بحيث يشغل سمعه وفكره وفي يسير من الأحاديث : ( ومن مس الحصى انهزم لغا ) ” انتهى من ” عمدة القاري وضح صحيح البخاري “(10/26) .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

× راسلنا على الواتس